* مسألة التكفير *
من الآفات الخطيرة التى انتشرت فى ربوع الوطن الإسلامى هى الإسراف
فى تكفير المسلمين بدون ضابط و لا رابط .
و الحق أن الأمر جد خطير لأن تكفير شخص يترتب عليه إهدار دم هذا الشخص
كما يترتب عليه التفريق بينه و بين زوجته و قطع التوارث بينه و بين ذريته.
لذلك فقد وضع أئمة الفقه الإسلامى و علماء الأصول ضوابط و شروط للتكفير ....
و قالوا إن هناك موانع تمنع من تكفير الشخص و أنه لابد
من انتفاء تلك الموانع قبل الحكم بكفر شخص ما .
و هذه الموانع حددها العلماء كما يلى :-
1- الجهل
2- الإكراه
3- التأول (أو التأويل)
4- الخطأ
5- حداثة العهد بالإسلام
6- غياب العقل
7- عدم بلوغ سن التكليف الشرعى
و على ذلك فقبل الحكم بكفر شخص يجب أن يكون هذا الشخص
غير جاهل بالتحريم و غير متأول لنص شرعى
سواء" كان حديث شريف صحيح أو آية قرآنية و يجب ألا يكون
حديث العهد بالإسلام و يجب أن يكون عاقل و بالغ
لأن العقل و البلوغ من شروط التكليف الشرعى.
و أذكر هنا مقولة لشيخ الإسلام ابن تيمية فى كتابة (التوبة)
يقول فيها حرفيا" عليه رحمة الله:
(لو سجد رجل لرجل ظآنا" أن هذا من الدين فإنه لا يُكفر)
و الواقع أن الكثير من العلماء المتأخرين قد تكلموا كثيرا" فى العذر بالجهل
و قالوا أن الجهل لم يصبح عذرا" فى هذا الزمن الذى انتشر فيه العلم بشكل كبير
و انتشرت فيه وسائل الإعلام و أصبح تحصيل العلم الشرعى سهل و ميسور.
و قال هؤلاء أن العذر بالجهل يُقبل فقط ممن يعيش فى بلاد كفر أو بعيدا" عن المسلمين ...
و لا يُقبل من مسلم يعيش بين المسلمين و يحضر صلواتهم و يسمع خطبهم ...
فهذا لا يقبل منه العذر بالجهل لأنه هو المُتسبب فى جهله بتقاعسه عن طلب العلم
أو السؤال عن الأمور التى يجهلها ,, خصوصا"
و أنه لا يخلو بلد مسلم من علماء ربانيين مُعتبرين.
و من ضمن القواعد الهامة التى وضعها العلماء للتكفير قاعدة غاية فى الأهمية ...
حيثُ أنه بعد انتفاء موانع التكفير عن شخص فإنه
لا يقوم بالحكم بكفر هذا الشخص إلا ولى الأمر.
و ولى الأمر إما أن يكون حاكم أو عالم ربانى يقوم مقامه أو ينوب عنه.
فلأمر ليس متروك لكل من هب و دب أن يحكم بكفر شخص او جماعة.
و طبقا" لأهل العلم فإنه ليس كل من ينطق الكفر يُعدُ كافرا"
و تحدثوا عن (كفر دون الكفر) و (شرك دون الشرك).
و الواقع إن الكفر بصفة عامة ينقسم إلى نوعين :-
الأول : كفر النوع
الثانى : كفر العين
كفر النوع كأن أقول (النصارى كفار)
و كفر العين - يعنى شخص بعينه - كأن أقول (بطرس كافر أو جورج كافر)
و لذلك نقول إن اليهود و النصارى كفار نوعا" و عينا".
و هذا الكلام يجرنا إلى ضرورة ذكر قاعدة مهمة فى أصول الفقه و ترتبط بمسألة التكفير.
تقول القاعدة :
( إن المُعَين لا يُكفَر إلا إذا أقيمت عليه الحجة)
يعنى لا يمكن تكفير شخصه بعينه كأن أقول فلان كافر إلا بعد إقامة الحجة عليه
و التاكد من انتفاء موانع التكفير عنه.
نأتى لمسألة غاية فى الخطورة و الأهمية و هى نواقض الإسلام العشرة
حيث حدد العلماء عشرة أمور يكفر فاعلها و يُعتبر كافرا" حتى و إن صام و صلى و حج و زكَّى
و هذه الأمور العشرة هى :
الأول : الشرك في عبادة الله تعالى
الثاني : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ,
ويتوكل عليهم كَفَرَ إجماعا"
الثالث : من لم يُكَفِر المشركين أو شك في كفرهم , أو صحح مذهبهم ,,كفر بالإجماع أيضا"
الرابع : من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه وأن حكم غيره
أحسن من حكمه كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر بالإجماع
الخامس : من أبغض شيئا" مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ,
حتى لو عمل به فهو كافر إجماعا"
السادس : من استهزأ بشي من دين الرسول صلى الله عليه وسلم
أو ثوابه أو عقابه فقد كفر
السابع : السحر
الثامن : موالاة المشركين ومعاونتهم على المسلمين
التاسع : من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم
كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر
العاشر : الإعراض عن دين الله تعالى لا يتعلمه ولا يعمل به ,, فهو كافر أيضا"
(لمزيد من الإطلاع على شرح هذه النواقض العشرة
يُراجُع مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية
و شروح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ,, عليهما رحمة الله
و هذا على سبيل المثال ,, و الشرح موجود فى عشرات الكتب الأخرى)
و الحقيقة إن هذه النواقض العشرة يقع فيها الكثير
من الناس من حيث لا يدرون و لا يشعرون
و لذلك كان الحذر من الوقوع فى هذه الأمور واجب و مطلوب.
اعجبتني هذه الدروس فقمت بنقلها
وأسال الدعاء لكاتب الموضوع
تحياتي